يعتقد بعض الشعراء الإيرانيين أن الشعر الفارسي في العقد الحالي حقق تفوقا ملحوظا، وتميز بكثير من الإبداع، بينما يرى شعراء آخرون أن الشعر في هذه المرحلة لم يحقق أي جديد، بل كان مجرد امتداد لتجربة عقد التسعينات من القرن الماضي، ويرجعون السبب إلى عدم وجود نظرية شعرية محددة، بخلاف التجربة الشعرية في العقد الماضي التي كانت لها مرجعية نظرية واضحة، وهناك من أرجع السبب إلى أن الشعراء الإيرانيين أنفسهم اقتنعوا في المرحلة الحالية باختيار الاعتدال، على عكس شعراء عشرية الثمانينيات، الذين خاضوا تجربة شعرية مشوبة بالتطرف.
للاقتراب من نبض الشعر الإيراني خلال عقدين من الزمن ( من 1991 إلى 2007) لابد أن نقف مع رأي الشاعر والناقد الإيرانيين، في هذا السياق يرى الشاعر الإيراني محمد علي بهمني أن الشعر الفارسي في العقد الحالي استطاع الاستفادة من جوهر الشعر، كما يؤكد أن هذه المرحلة عرفت وجود إبداعات شعرية متسرعة ومتطرفة، دافع عنها أصحابها بقوة، إلا أنهم وفقوا في تقديم تجربة شعرية منسجمة، أما الشاعر مهرداد فلاح، فيرى عكس ذلك إذ يعتبر شعر العقد الحالي متدنيا وضعيفا، بينما أشعار مرحلة التسعينات كانت جيدة وموفقة للغاية، ويقول فلاح انه عندما لايكون هناك ناشر متحمس، ولا يتوفر فضاء مناسب للنشر، فطبيعي أن تكون كتب الشعر قليلة، ويضيف إن الوضع الراهن للشعر الإيراني، ساهمت في إفرازه مجموعة من الأطراف، بينما لايمكن لوم الشعراء الذين أدوا رسالتهم كاملة، في المقابل يعتقد الشاعر محمد علي سبانلو بعدم وجود فرق كبير بين شعر العقد الحالي والماضي، ويضيف أنه في بداية عقد التسعينات ظهرت تيار شعري تخلى عن كل قواعد الشعر الفنية، ويضيف سبانلو: " في البداية كنا نأمل في ثمار التيار الجديد، إلا انه تحول في ما بعد إلى اللا معنى، ويبدو أن هذا التيار استمر حتى عقدنا الحالي، وتعامل مع اللغة بنوع من اللا مسؤولية، وهذا وضع لم يحدث قط في تاريخ الأدب الفارسي".
بينما يرى الشاعر محمد شمس لنكرودي أن الشعر الإيراني في العقد الحالي وصل إلى حالة من الاعتدال والواقعية، واعترض لنكرودي على عملية تقسيم الشعر إلى عقود زمنية، وقال : " لايمكننا القول أن الشعر بدأ في وضع معين بداية الستينات، وبشروع عقد السبعينات دخل مرحلة أخرى، إن هذا التقسيم هو مجرد تسهيل لعملية تقييم تجربة شعرية معينة، وليس للحكم على الشعر الفارسي في مقطع تاريخي محدد"، وقريبا من نظر شمس لنكرودي، يأتي موقف الشاعر سيد علي صالحي الذي يلاحظ أن الشعر في العقد الحالي، ليس فقط في إيران بل في دول أخرى عرف تطورا وانتشارا كبيرا، لا أدل على ذلك ماحققه من مكاسب على مستوى الانترنت،" إذ يمكنك أن تشاهد حركية ونشاط الجيل الجديد من الشعراء الإيرانيين من خلال أشعارهم المنشورة في المواقع الالكترونية والمدونات الشخصية ".
أما الشاعر رضا بختياري فيلاحظ الشعر الفارسي في العقد الحالي أراد أن يعبر آفاقا جديدة في فضاء ما بعد الحداثة، كما أراد تحقيق الذات الايرانية في عالم لاجغرافية فيه، ويقول: "أن الشعر الإيراني شهد أزمة خانقة بعد الحرب، حاول بعض الشعراء إيجاد حلول للخروج منها، لكن كون تلك الحلول مستوردة من التجربة الشعرية الغربية، فإنها لم تتجاوز هيكل الشعر، ولم تستطع الاستفادة من رصيد الذات الإيرانية ومكاسب الحضارة الشرقية عموما، لقد كانت ألونا شعرية لكنها للأسف كانت بدون طعم". ويسير الناقد الإيراني سيروس نيرو في نفس الاتجاه تقريبا، إذ يقيم الشعر الإيراني في العقد الحالي بكونه أكثر سوء، وينفي وجود تجارب شعرية نوعية في هذه المرحلة، و"حتى الشعر الحداثي الذي أنشده بعض الشعراء الشباب، لايعدو أن يكون مجرد امتداد لتجربة العقد الماضي بل هو أسوء منه"، وعليه فإن سيروس لايخفي عدم تفاعله مع نماذج الشعر الإيراني الحديث، في كلا العقدين الحالي والماضي.