يعتبر خليل الله خليلي نجما ساطعا في سماء الأدب الفارسي المعاصر، ليس في أفغانستان لوحدها، بل تمتد شهرته إلى إيران و طاجكستان وبقية الأقطار الناطقة باللغة الفارسية، وقد اشتهر الرجل أواخر عمره بوقوفه الأدبي القوي مع المقاومة الأفغانية ضد الحكم الشيوعي والغزو السوفيتي وبات شعره الحماسي يتصدر مساحات الأدب المقاوم حتى وافته المنيه في المهجر عام 1987م.
لقد ولد خليل الله خليلي عام 1907م بمدينة كابل في بيت محمد حسين مستوفي الممالك أحد رجال الحكم في عهد الأمير حبيب الله والذي أعدمه الأمير أمان الله خان في عشرينيات من القرن الماضي وأبعد أهله إلى مناطق نائية. وهكذا فقد شاعرنا أباه في صباه ولم يجد فرصة لاستكمال تعليمه، غير أنه وبفطنته وموهبته الشعرية والأدبية استطاع أن يشق طريقه إلى أروقة الحكم وتدرج فيها حتى أصبح المستشار الإعلامي للملك محمد ظاهر شاه، وتقلد مناصب حكومية عالية منها نائب رئيس جامعة كابل ورئيس إدارة المطبوعات و سفيرا لدى بعض الدول منها العراق.
رغم محاولة الكثيرين بوصف خليلي بشاعر البلاط، إلا أنه وحتى أثناء وجوده في البلاط الملكي لم يقف مادحا ومغازلا، بل تميز شعره في تلك الفترة بعناصر نقدية و إصلاحية ووطنية وروح إسلامية تعبر الحدود والإقليميات الضيقة.
لقد كان لفلسطين والجزائر نصيبا في شعره بجانب بقية الهموم الإسلامية، وكثيرا ما أطلق صرخته للوحدة بين المسلمين ونبذ الخلافات والتسامي عليها وتحقيق الأخوة الإسلامية.
لقد كان خليلي في أمريكا حينما حدث الإنقلاب الشيوعي في كابول ثم الغزو السوفيتي لأفغانستان أواخر عام 1979م، ولم يكتف خليلي بمشاهدة جرائم الشيوعيين والقوات السوفيتية بحق الشعب الأفغاني، بل سخر كل موهبته الشعرية في رفع راية " أدب المقاومة" وكان فعلا رائدا له وترك روائعه الحماسية في هذه الفترة.
و لم تتركه أحاسيسه المرهفة وقلبه المكلوم على ما حدث لشعبه أن يكتفي بالكتابة من أمريكا، فقرر الانتقال إلى أقرب نقطة لأرض الجهاد والمقاومة، وهكذا انتقل شاعرنا إلى باكستان حيث كان أكثر من 4 ملايين مهاجر يعيشون في ظروف قاسية، وبقي هناك حتى وافته المنية في إبريل 1987 عن عمر ناهز الثمانين عاما، ودفن في مقابر المهاجرين في مدينة بشاور قرب الحدود مع أفغانستان حسب وصيته.
لقد اتسم شعر خليلي بالتمسك بالقوالب الشعرية القديمة، لكنه وبشهادة معظم النقاد نفخ في هذه الأطر القديمة روحا جديدة وتطرق إلى مضامين معاصرة من النقد الاجتماعي والسياسي وصولا إلى أدب المقاومة. ويتسم شعره بمتانة البناء وحسن استخدام المفردات والموسيقى الشعرية بجانب روعة البيان والقدرة العالية في تصوير المشاهد، وكل هذا جعل من خليلي رائدا من رواد الشعر الفارسي خارج حدود أفغانستان ويذكر اسمه بجانب عمالقة الشعر الفارسي المعاصر، ويعتبر بحق سفيرا للأدب الأفغاني المعاصر إلى البلاد الأخرى.
وبجانب دوواينه الشعرية ترك خليل الله خليلي عددا من الآثار الأدبية الأخرى و من أهمها: آثار هرات- فيض قدس – أحوال وآثار الحكيم أبو المجد السنائي – من بلخ إلى قونية – يمكان – ني نامه ( رسالة الناي ) – سلطنة الغزنويين – عقاب زرين ( العقاب الذهبي ) – عيار از خراسان ( رجل شهم من خراسان ، وهي رواية تحكي حكاية الأمير حبيب الله كلكاني الذي قاد ثورة ضد الملك أمان الله خان عام 1929م وحكم أفغانستان 9 أشهرثم أعدم بيد الملك نادر شاه الذي سيطرة على أفغانستان بدعم من الانجليز).